اولاد الدباغة 2
عانقت جدران منتدانا
عطر قدومك ... وتزيّنت
مساحاته بأعذب عبارات الود والترحيب
ومشاعر الأخوة والإخلاص ... كفوفنا ممدودة
لكفوفـك لنخضبها جميعاً بالتكاتف في سبيـل زرع بذور
الأخلاقيـات الراقيـة ولا نلبـث أن نجني منهـا
إن شاء الله ثمراً صالحاً.. ونتشـارك
كالأسرة الواحدة لتثقيف بعضنا
البعض في كل المجالات
أتمنى لك قضاء
وقت ممتع
معنا
اولاد الدباغة 2
عانقت جدران منتدانا
عطر قدومك ... وتزيّنت
مساحاته بأعذب عبارات الود والترحيب
ومشاعر الأخوة والإخلاص ... كفوفنا ممدودة
لكفوفـك لنخضبها جميعاً بالتكاتف في سبيـل زرع بذور
الأخلاقيـات الراقيـة ولا نلبـث أن نجني منهـا
إن شاء الله ثمراً صالحاً.. ونتشـارك
كالأسرة الواحدة لتثقيف بعضنا
البعض في كل المجالات
أتمنى لك قضاء
وقت ممتع
معنا
اولاد الدباغة 2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اجتماعي- ثقافي-رياضي-علمي -دعوي- لربط ابناء الدباغة بالداخل وبلاد المهجر للتواصل مع الاهل والاصدقاء ليس حكراً علي ابناء الدباغة فقط# اهلا وسهلا بك # يا زائر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة
    بحـث
     
     

    نتائج البحث
     
    Rechercher بحث متقدم
    المواضيع الأخيرة
    » مدرسة محمد عبد الله موسي
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 23, 2016 1:49 pm من طرف حسن محمد يوسف

    » Lest it should be celled
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 23, 2016 1:36 pm من طرف حسن محمد يوسف

    » قصيدة الشمس
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 23, 2016 1:34 pm من طرف حسن محمد يوسف

    » الأستاذ علي قوادري
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 23, 2016 1:22 pm من طرف حسن محمد يوسف

    » THE DAFFODILS
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 23, 2016 1:21 pm من طرف حسن محمد يوسف

    » * صفات الأذكياء *
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 23, 2016 1:03 pm من طرف حسن محمد يوسف

    » تهنئة الاخ عبد الرحمن بابكر علي
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 23, 2016 11:22 am من طرف حسن محمد يوسف

    » حرمة المال العام
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 23, 2016 11:19 am من طرف حسن محمد يوسف

    » شجرة المورنقا
    المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالأحد مايو 19, 2013 9:00 am من طرف عزالدين آدم ابوعاصم

    ازرار التصفُّح
     البوابة
     الرئيسية
     قائمة الاعضاء
     البيانات الشخصية
     س .و .ج
     بحـث
    منتدى
    التبادل الاعلاني
    احداث منتدى مجاني
    دخول
    اسم العضو:
    كلمة السر:
    ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
    :: لقد نسيت كلمة السر

     

     المكي هذه تامقاصد

    اذهب الى الأسفل 
    2 مشترك
    كاتب الموضوعرسالة
    حسن محمد يوسف
    Admin
    حسن محمد يوسف


    عدد المساهمات : 330
    تاريخ التسجيل : 01/05/2011

    المكي هذه تامقاصد Empty
    مُساهمةموضوع: المكي هذه تامقاصد   المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالأحد أغسطس 07, 2011 3:02 pm

    المبحث الأول: مفهوم المصلحة والمفسدة
    المطلب الأول: تعريف المصلحة:
    المصلحة لغةً: من الصلاح وهو ضد الفساد، وهي كالمنفعة وزناً ومعنى، وقد جاءت على زنة اسم المكان وهذا يكسبها قوة في المعنى لأن اسم المكان يدل على كثرة ما منه اشتقاقه، ومن أمثلة اسم المكان: موقف ومسجد.
    اصطلاحاً: هي المحافظة على مقصود الشارع .
    وعرفها بعضهم : بأنها عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو درء مفسدة .
    هناك تعريف للغزالي في "المستصفى"، يقول فيه: «أما المصلحة فهي عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة، ولسنا نعني به ذلك، فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم لكن نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشارع، ومقصود الشارع من الخلق خمسة وهي أن يحفظ لهم دينهم وأنفسهم وعقولهم ونسلهم وأموالهم. وكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوتها فهو مفسدة ودفعها – أي المفسدة- مصلحة ».
    فالغزالي هنا أعطى تعريفين للمصلحة والمفسدة، الأول لغوي عرفي، والثاني يمكن اعتباره تعريفا اصطلاحيا شرعيا، ويمكن اعتباره بمثابة توجيه شرعي، أو تقييد شرعي، للمعنى الأول. بمعنى أن التعريف الثاني لا يلغي الأول، كما أن التعريف الأول لا يناقض بالضرورة الثاني. فجلب المنفعة ودفع المضرة حاصلان وأساسيان ضمن المفهوم الثاني. والمقاصد الشرعية المذكورة في المفهوم الثاني، تتلخص في جلب المنافع ودفع المضار، لكن بضوابط ومعايير معتمدة في الشرع.
    وقال الخوارزمي في تعريف المصلحة هيSadالمحافظة على مقصود الشرع بدفع المفاسد عن الخلق )
    وقال الطوفي : ( هي السبب المؤدي إلى مقصود الشارع عبادة أو عادة )
    ومما سبق يتضح ما يلي:
    1- أن المصلحة هي المحافظة على مقصود الشارع بحفظ الضروريات الخمس.
    2- أن المصلحة لا تقتصر على جانب الإيجاد بل تشمل جانب الإعدام وذلك بدرء المفاسد.
    المطلب الثاني: تعريف المفسدة:
    قبل الخوض في تعريف المفسدة لغة واصطلاحاً، لابّد من الإشارة إلى أن ما تُعرّف به المصلحة هو
    عكس ما تعرّف به المفسدة،يستوي
    فيه التعريف اللغوي والاصطلاحي، والمفسدة ملازمة للمصلحة عند كل من يتعرّض لدراستها.
    المفسدة لغة:
    قال أبو الحسن بن فارس -رحمه الله -Sad فسد ،الفاء والسين والدال كلمة واحدة فسد الشيء
    يفسد فساداً و فسوداً ، وهو فاسد و فسيد).
    والفساد والمفسدة ومادتها في أصل اللغة تعني أموراً ( ):
    1- الهلاك ومنه قولهم قومٌ فسدى أي هلكي.
    2- التدابر والتقاطع: ومنه قولهم: تفاسد القوم أي تدابروا واقطعوا الأرحام، ومن ذلك قوله تعاليفهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الارض و تقطعوا أرحامكم( ).
    3- الجدب والقحط: ومنه قوله تعالي  ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس( ). وفساد البر الجدب ، وفساد البحر القحط أي في المدن التي علي الانهار.
    4- الإساءة من السخرية والايذاء وتنقيص الشأن ونحو ذلك ومنه قولهم استفسد السلطان قائده إذا أساء إليه حتي استعصى عليه.
    5- أخذ المال ظلماً: ومنه قوله تعالي في شأن أولياء اليتامي :  يسألونك عن اليتامي قل اصلاح لهم خيروان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح( ).
    فعن همام بن الحارث قال: "ضاف عائشة ضيف فأمرت له بملحفة صفراء فنام علي فيها فاحتلم فاستحيا أن يرسلها لها وبها اثر الاحتلام، فغمسها في الماء ثم أرسل بها، فقالت: عائشة لما افسد علينا ثوبنا؟ أنما كان يكفيه ان يفركه باصابعه، وربما فركته من ثوب رسول الله  باصابعي " ( ) أي اضر بالثوب لما غمسه في الماء فلم يصلح.
    وعن ابي هريرة  قال: قال: رسول الله  [من خبب خادماً علي أهلها فليس منا ومن افسد أمراة علي زوجها فليس هو منا]( ) أي جعلها تتأبي عليه ولا تطيعه،او وشي به اليها حتى ملأ قلبها عليه فلم تعد تطيقه حتي كرهت الحياة معه، مما يؤدي إلي الطلاق والفراق، وهذا مفسدة كبيرة.
    -والمفسدة تطلق علي الجوائح، كما روي عن عطاء رحمه الله تعالي قال: [الجوائح كل ظاهر مفسد او برد او جراد او ريح او حريق].
    المفسدة اصطلاحاً:
    قال نجم الدين الطوفي رحمه الله : ( الضرر هو المفسدة)
    وجعلها العزّ بن عبد السلام رحمه الله في اربعة أنواع: أربعة أنواع : الآلام وأسبابها ، والغموم وأسبابها ، وهي منقسمة إلى دنيوية وأخروية ، فأما لذات الدنيا وأسبابها وأفراحها وآلامها وأسبابها ، وغمومها وأسبابها ، فمعلومة بالعادات ، ومن أفضل لذات الدنيا لذات المعارف وبعض الأحوال ، ولذات بعض الأفعال في حق الأنبياء والأبدال ، فليس من جعلت قرة عينه في الصلاة كمن جعلت الصلاة شاقة عليه ، وليس من يرتاح إلى إيتاء الزكاة كمن يبذلها وهو كاره لها ، وأما لذات الآخرة وأسبابها وأفراحها وأسبابها ، وآلامها وأسبابها وغمومها وأسبابها ، فقد دل عليه الوعيد ، والزجر والتهديد)( ).
    وعرفها دكتور/احمد الريسوني تعريفاً اصطلاحياً فقال عنها "وحقيقة المفسدة هي كل الم وعذاب، جسمياً كان أو نفسياً او عقلياً او روحياً" ( )
    ويمكن تعريف المفسدة اصطلاحاً بما باعتبارها في الشرع ومقاصد الشارع فيقال: هي "كل مضرة تلحق بالناس في الدين والدنيا، وقصد الشارع أي دفعها وإزالتها".
    فالمفسدة المعتبرة هي المضرة التي تلحق بالناس إفراداً او جماعات ولكن ليس كل مفسدة معتبرة؛ وإنما تكون معتبرة اذا لحقت بهم من جهة الدين او الدنيا، أي كانت متعلقة بالدين فتؤدي الي ضياعه او تنقيصه، او كانت متعلقة بالدنيا، فتؤدي إلي إهلاك النفوس ، أو هتك الاعراض، او إتلاف الاموال، او ضياع العقول، ونحو ذلك.
    ولا تكون المفسدة معتبرة الا إذا كانت داخلة تحت مقصود الشارع، أي اذا عرف قصد الشارع الي ازالتها ودفعها. و الإزالة يراد بها نفي خبث المفسدة وضررها جميعاً ودرؤها كلها، ويراد بالدفع: درء ما أمكن منها عند العجز عن إزالته كلها.
    يمكن ان نقول بأن المفاسد ضربان : ضرب حرم الله قربانه ، وضرب كره الله إتيانه ، والمفاسد ما حرم الله قربانه رتبتان إحداهما : رتبة الكبائر وهي منقسمة إلى الكبير والأكبر والمتوسط بينهما ، فالأكبر أعظم الكبائر مفسدة .
    وكذلك الأنقص فالأنقص ، ولا تزال مفاسد الكبائر تتناقص إلى أن تنتهي إلى مفسدة لو نقصت لوقعت في أعظم رتب مفاسد الصغائر وهي الرتبة الثانية . ثم لا تزال مفاسد الصغائر تتناقص إلى أن تنتهي إلى مفسدة لو فاتت لانتهت إلى أعلى رتب مفاسد المكروهات وهي الضرب الثاني من رتب المفاسد ، ولا تزال تتناقص مفاسد المكروهات إلى أن تنتهي إلى حد لو زال لوقعت في المباح .
    وقد أبان صلى الله عليه وسلم من تفاوت الكبائر ثلاث مراتب ، إذ سئل عليه السلام أي الذنوب أكبر ؟ فقال : "أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، قيل ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قيل . ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك"( ) جعل الكفر أكبر الكبائر مع قبحه في نفسه ، لجلبه لأقبح المفاسد ودرئه لأحسن المصالح ، فإنه يجلب مفاسد الكفر ويدرأ مصالح الإيمان . ومفاسده ضربان( ) أحدهما عاجل وهو إراقة الدماء وسلب الأموال وإرقاق الحرم والأطفال .
    الضرب الثاني : آجل وهو خلود النيران مع سخط الديان . وأما درؤه لأحسن المصالح فإنه يدرأ في الدنيا عن المشركين التوحيد والإيمان وعن الإسلام والأمن من القتل والسبي واغتنام الأموال ، ويدرأ في الآخرة نعيم الجنان ورضا الرحمن . وجعل قتل الأولاد تاليا لاتخاذ الأنداد ، لما فيه من الإفساد وقطع الأرحام والخروج من حيز العدالة إلى حيز الفسوق والعصيان ، مع التعرض لعقاب الآخرة ، وتغريم الدية والكفارة ، والانعزال عن الولاية التي تشترط فيها العدالة وجعل الزنا بحليلة جاره تلو قتل الأولاد لما في ذلك من مفاسد الزنا كاختلاف المياه واشتباه الأنساب وحصول العار ، وأذية الجار ، والتعرض لحد الدنيا أو لعقاب الآخرة ، والانتقال من حيز العدالة إلى حيز الفسوق والعصيان والانعزال عن جميع الولايات .

    المبحث الثاني: علاقة المقاصد بالمصلحة والمفسدة
    اذا استقرأنا الخطاب الأصولي المقاصدي عامة وجدناه يستعمل مصطلح (المقاصد) باستمرار للتعبير عن (المصالح) والعكس بالعكس، رغم ما بين اللفظين من اختلاف في جذورهما اللغوي.
    المطلب الأول: علاقة المقاصد بالمصلحة و المفسدة
    مفهوم المقاصد:
    المقاصد في اللغة: جمع مقصِد وهو اسم المكان من قصد يقصد قصدا فهو قاصد، وذاك مقصود، والقصد له معان عند اللغويين منها:
    أولا: القصد بمعنى استقامة الطريق. قال الله تعالى: وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين( ) . أي على الله عز وجل الطريق المستقيم، والدعاء إليه بالحجج والبراهين الواضحة. وطريق قاصد هو طريق سهل مستقيم، وسفر قاصد يعني قريبا كما جاء في قوله تعالى: لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ( ) . أي سفرا غير شاق.
    ثانيا: القصد بمعنى العدل. قال أبو اللحام الثعلبي: "على الحَكم المأتي يوما إذا قضى قضيته أن لا يجور ويقصد". قال ابن بري: معناه يعدل. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا" . وقد ذكر هذا الحديث بطوله العلامة السيوطي رحمه الله تعالى: "لَنْ يُدْخِلَ أَحَداً مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ [وَلاَ يُنْجِيَهُ مِنَ النَّارِ]، قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلاَ أَنَا [وَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا عَلَى رَأْسِهِ] إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، [مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً] [فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا] [وَأَبْشِرُوا] [وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا] [وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ]" . وفي رواية أخرى بلفظ آخر قريب من هذا: "لَنْ يُنْجِيَ أَحَداً مِنْكُمْ عَمَلُهُ وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا"( ) . أي عليكم بالقصد من الأمور في القول والفعل، وهو الوسط بين الطرفين. وفي حديث آخر: "عَلَيْكُمْ هَدْياً قَاصِداً" . أي طريقا معتدلا.
    والقصد بمعنى إتيان الشيء. تقول "قصدته وقصدت له وقصدت إليه بمعنى" . وهو الغاية التي ترمي الشريعة الإسلامية إلى تحقيقها من جلب المصالح ودفع المفاسد.
    وقد اختلفت عبارات العلماء في التعريف بما يدرأ المفاسد بمقتضى نص أو إجماع أو استدلال، بما يفيد محتواها، وإن اتفقوا على كونها مقصِدا للشارع الحكيم، من وضع الشريعة للتكليف، فضلا عن وضع أصل الخلق، وإرسال الرسل عليهم السلام وإنزال الكتب. ومنهم من سار إلى القول بأن "المقاصد هي حصول المصالح أو درء المفاسد لمناسبة الأحكام لتلك المقاصد الشرعية" ، باعتبارها معاني متضمنة لكل ما يصلح الخلق في العاجل والآجل، وما يدفع عنهم المضار فيهما، وبذلك تكون المقاصد هي الغاية من الشريعة، والأسرار التي وضعها الشارع في كل حكم من أحكامها" .
    قال عز الدين بن عبد السلام رحمة الله تعالى عليه: "ومعظم مقاصد القرآن الكريم الأمر باكتساب المصالح وأسبابها، والزجر عن اكتساب المفاسد وأسبابها" .
    ولأن مصلحة الإنسان من جلب نفع ودفع ضر قضية جوهرية، فقد ارتكز عليها المفهوم الأصولي والمقاصدي، وسعت من خلالها المقاصد إلى تقديم رموز "ووقائع جديدة، يمكن عن طريقها توجيه حياة الإنسان إلى البحث عن المصلحة في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وهذه إطلاقة لفاعلية الفكر من الناحية العملية، وبالتالي فهي بحث عن مبدأ رئيس تقوم عليه هذه الأخلاق" . قال العلامة القرافي رحمة الله تعالى عليه: "إن كل تصرف لا يترتب عليه مقصوده لا يشرع" ، ومعناه أن أي قول أو فعل لا ينبني عليه ما يصلح حال المتصرف، أو حال غيره، لا يعتبر تصرفا في الشرع، فلم يخلق الله تعالى وضعا إلا ليرتب عليه أحكاما مبنية على مقاصد من تحقق مصالح العباد في المعاش والمعاد، على أساس من العدل وما يحققه من القيم والمبادئ، فلا باطل ولا عبث ولا ظلم. قال تعالى:
    وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالاَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ( ) .
    وقال سبحانه: وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ( ) . "فما من أمرٍ أمرَ به الشارع إلا لتحقيق مصلحة بالإبقاء أو بالتحصيل، وإن عجزت العقول في حال كمالها عن إدراكها، وما من منهي نهى عنه إلا لدرء مفسدة بالإبعاد أو بالاجتناب، وهي مقاصد قصدها الشارع رحمة منه بعباده لا يناله كمال بأفضلها وأمثلها، ولا يناله نقص بأرذلها وأخبثها، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ذلك أن الأوامر والنواهي في الخطاب الشرعي متجهة كلها إلى اكتساب المصالح أو الوسائل المفضية إليها، وإلى درء المفاسد أو الوسائل المؤدية إليها، والخطاب ينتج باستمرار ولا يتوقف عن العطاء إلا بإرادة المشرع نفسه، تحقيقا لمقاصد استمرارية الشريعة وديمومتها، واستجابتها لما جدّ من حوادث الناس ونوازلهم، ما دام الاستنباط يذكي العقل ويستخرج أسرار النقل حيث تناهت النصوص شكلا، وتتابعت قضايا الكون والإنسان مضمونا، متابعة العطاء والبقاء، إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها دون كلل ولا ملل" . ويؤكد هذه الحقيقة ويؤسسها العلامة الشاطبي رحمة الله تعالى عليه حين يقول: "من أجل ذلك وجب التقرير أن هذه الشريعة لم تأت عبثا ولمجرد إدخال الناس في الدين، وإنما جاءت لرعاية مصالح العباد الدنيوية والأخروية" . وبتوافق الفكر في الأدوات الأصولية والمناهج الاستنباطية، وبإعمال الفكر النظري، يتحقق مضمون خطاب المقاصد، وتكتمل به الرؤى والتصورات، فلا يمكن إبعاد جانب الأصول النظرية والتطبيقية من مخيلة الفقيه المقاصدي، وإلا ستأتي تصوراته خالية من مناهج منضبطة. يقول الشيخ الطاهر بن عاشور رحمة الله تعالى عليه: "إن تصرف المجتهدين بفقههم في الشريعة يقع على خمسة أنحاء: النحو الأول: فهم أقوالها واستفادة مدلولات تلك الأقوال.
    النحو الثاني: البحث عما يعارض الأدلة التي لاحت للمجتهد، وهي التي استكمل إعمال نظره في استفادة مدلولاتها، ليستيقن أن تلك الأدلة سالمة مما يبطل دلالتها، ويقضي عليها بالإلغاء والتنقيح.
    النحو الثالث: قياس ما لم يرد حكمه في أقوال الشارع على حكم ما ورد حكمه فيه.
    النحو الرابع: إعطاء حكم لفعل أو حادث حدث للناس لا يعرف حكمه فيما لاح للمجتهدين بين أدلة الشريعة، ولا له نظير يقاس عليه.
    النحو الخامس: تلقي بعض أحكام الشريعة الثابتة عنده تلقي من لم يعرف علل أحكامها، ولا حكمة الشريعة في تشريعها.

    المبحث الثالث: أقسام المصلحة باعتباراتها الثلاثة
    المطلب الأول: أقسام المصلحة باعتبار العموم
    العموم والخصوص : العموم : قيل : هو من عوارض الألفاظ حقيقة ، لدلالتها على مسمياتها باعتبار وجوديها : اللساني ، والذهني ، بخلاف المعاني ، لتمايزها ; فلا يدل بعضها على بعض .
    والتحقيق أنه حقيقة في الأجسام ، إذ العموم لغة : الشمول ، ولا بد فيه من شامل ومشمول ، كالكلة والعباءة لما تحتهما .
    والعام : قيل : هو اللفظ الواحد الدال على شيئين فصاعدا مطلقا ، واحترز بالواحد عن مثل : ضرب زيد عمرا ، إذ هما لفظان ، وبمطلقا عن مثل عشرة رجال ، فإن دل على تمام العشرة لا مطلقا ، وفيه نظر .
    وأجود منه : اللفظ الدال على مسميات دلالة لا تنحصر في عدد .
    وقيل : اللفظ المستغرق لما يصلح له بحسب وضع واحد .
    وقيل : اللفظ إن دل على الماهية من حيث هي هي فقط ; فهو المطلق أو على وحدة معينة ، كزيد وعمرو ; فهو العلم ، أو غير معينة ، كرجل ; فهو النكرة ، أو على وحدات متعددة ; فهي إما بعض وحدات الماهية ; فهو اسم العدد كعشرين رجلا ، أو جميعها ; فهو العام ; فإذن هو اللفظ الدال على جميع أجزاء ماهية مدلوله ، وهو أجودها ، وقيل فيه غير ذلك .
    "وينقسم اللفظ إلى لا أعم منه ، كالمعلوم ، أو الشيء ، ويسمى العام المطلق ، وقيل : ليس بموجود ، وإلى ما لا أخص منه كزيد وعمرو ، ويسمى الخاص المطلق ، وإلى ما بينهما كالموجود والجوهر والجسم النامي والحيوان والإنسان ; فيسمى عاما وخاصا إضافيا ، أي : هو خاص بالإضافة إلى ما فوقه ، عام بالإضافة إلى ما تحته ."( )

    يقول العز بن عبد السلام –رحمة الله- من أن تصرفات الناس العامة لا تخلو في كونها من قبيل المصالح أو المفاسد ولضبط هذه الأفعال قال -رحمه الله-: "الأفعال ضربان: أحدهما المصالح وهي أقسام:
    (احدهما) ما هو مصلحة خالصة من المفاسد السابقة واللاحقة والمقترنة و لا يكون إلا مأذوناً فيها إما إيجابا أو ندباً أو إباحة.
    (القسم الثاني) ما هو مصلحة على مفسدة أو مفاسد وهي ما دونه.
    (القسم الثالث) ما هو مصلحة مساوية لمفسدته أو مفاسده.
    ( القسم الرابع) ما هو مصلحة مساوية لمصلحة أو مصالح فإن أمكننا الجمع جمعنا وإن تعذر الجمع تخيرنا، ومهما تمحصت المصالح قدمنا الأفضل فالأفضل، والأحسن فالأحسن ولا نبالي بفوات المرجوح.
    تقسيمها من حيث العموم والخصوص إذ تنقسم ثلاثة أقسام :
    أ – مصالح عامة: وهي التي تتعلق بالخلق كافة – أي جميع الأمة- كقتل المبتدع والزنديق ووحدة الصف وجمع الكلمة وحماية المقدسات من تدنيس الكفار لها والحفاظ علي القران والسنة وحفظ الاستقرار والبيئة العامة كمجاري المياه من التلوث وحفظ الأرض الزراعية من التخريب نحوه .
    ب – مصالح الجزئية: وهي التي تتعلق بالجماعات والفئات والأقطار والأمصار لا كل الامة ولا عمومها، وانما جزء منها كتصريف السلع والبضائع والاتجار في العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية، فهذه مصلحة متعلقة بفئة معينة من الامة وهم أرباب السلع من التجار .
    ج - مصالح خاصة: وهي التي تتعلق بشخص معين كفسخ نكاح زوجة المفقود.
    المطلب الثاني: أقسام المصلحة باعتبار القطعية والظنية
    تنقسم المصلحة باعتبار الجزم بها وعدمه الي مصلحة قطعية، ومصلحة ظنية.
    أولاً: المصلحة القطعية-
    - مفهوم القطع:
    القطع في اللغة: يدل على إبانة الشئ والغلبة بالحجة قال تعالى يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ( ).
    وفي الإصطلاح عرف القطع بتعاريف منها تعريف التفتازاني" القطع يطلق على نفي الإحتمال أصلا وعلى نفي الإحتمال الناشئ عن دليل"( ).
    وينبني على هذا التعريف:
    - أن القطع ليس معه إحتمال.
    - أن الإحتمال الناشئ عن دليل لايؤثر في القطع .
    أما الدلالة القطعية فقد عرفها أمير بادشاه بقوله " القطعية أي الثابتة بدليل قطعي لاشبهة فيه "( ).
    وقد عالج علماء الأصول عند تعريفهم للقطع مسائل أهمها :
    1- هل يبقى مع القطع إحتمال أم لا؟
    انقسم العلماء في هذه المسألة على مذهبين:
    الأول: ذهب أصحابه الى أن القطع ليس معه إحتمال ومن هؤلاء الرازي والشيرازي والتفتازاني وبعض الحنفية قال البخاري " اليقين والقطع لايثبت مع الإحتمال لأنه عبارة عن قطع الإحتمال " وقد استدل أصحاب هذا المذهب بأدلة أهمها أن القطع لو قارنه إحتمال لكان ظنا.
    الثاني: ذهب أصحابه أن القطع يمكن أن يرد معه إحتمال لكنه لايؤثر فيه حتى ينشأ عن دليل ومن هؤلاء الغزالي والقرافي وصدر الشريعة والزركشي.
    واستدلوا على ذلك بأدلة أهمها :
    - أنه لو اشترطنا عدم ورود الإحتمال في القطع لما حصل القطع أصلا.
    - أن المسائل القطعية التي حصل حولها الإتفاق خالفها البعض وأوردوا عليها بعض الشبهات .
    - أن الأدلة الشرعية القطعية يرد عليها الإحتمال كالنسخ أو المجاز مثلا .
    والذي يظهر والله أعلم هو أن هذا المذهب هو الراجح لأن الإحتمالات واردة دائما ولو اشترطنا عدم ورودها لما حصل القطع أصلا .
    2- هل للقطع درجات متفاوتة أم لا؟
    انقسم العلماء في هذه المسألة على مذهبين:
    الأول: ذهب أصحابه الى أن للقطع مرتبة واحدة ومن هؤلاء الجويني والشيرازي والغزالي والرازي واستدلوا على ذلك بأدلة أهمها أن المقطوعات متماثلة في عدم ورود الإحتمال عليها فلا تفاوت فيها .
    الثاني : ذهب أصحابه الى أن القطع له درجات متفاوتة ومن هؤلاء ابن تيمية والنسفي والزركشي :
    واستدلوا على ذلك بأدلة أهمها:
    - أن القطع الحاصل من الخبر ليس هو القطع الحاصل من المشاهدة فالمعلوم بالخبر قطعا هو علم اليقين والمعلوم بالحس قطعا هو عين اليقين .
    - أن القطع الحاصل من أدلة كثيرة قوية تعضد بعضها بعضا ليس هو القطع الحاصل من دليل واحد.
    والذي يظهر والله أعلم هو أن هذا المذهب هو الراجح ، لكن التفاوت الحاصل بين القطعيات راجع الى نفس القاطع لا الى الدليل المقطوع به .
    فهي المصالح التي دل عليها النص القاطع الذي لا يتحمل تأويلاً كقوله تعاليليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلاً من ربكم( ) . او التي دل عليها الاستقراء لنصوص الشريعة وسننها مثل ثبوت الضرورات الخمسة.
    هو النص المقطوع به ثبوتًا ودلالة، فالمقطوع به ثبوتًا هو المقطوع بنسبته إلى صاحبه، وهو يشمل القرآن الكريم والسنة المتواترة.
    أما المقطوع به دلالة فهو الذي يحتمل معنى واحدًا وحكمًا واحدًا، ومثاله قوله تعالى:قل هو الله أحد( ).
    فالمصلحة التي يعول عليها المجتهد لا ينبغي أن تعارض نصًا قطعيًا، وذلك لأن هذا التعارض سيؤول حتمًا إلى تقرير التعارض بين القواطع الشرعية : أي بين النص القطعي ودليل المصلحة المرسلة وشاهدها البعيد، وهذا محال ومردود، لأنه موقع في اتهام الشارع بالتناقض والنقص والتقصير .. وكما هو معلوم فإنه لا يجوز للمصالح الحقيقية أن تعارض نصًا قطعيًا، وذلك لأن تلك المصالح جارية على وفق نصوصها وأدلتها القطعية، وما يدعى من وجود التعارض بينهما، ومن وجوب تقديم المصلحة على النص القطعي، إنما آيل في الحقيقة إلى ما يلي :
    - أن المصلحة التي ادُّعِيَ معارضتها للنص القطعي إنما هي مصلحة مظنونة أو وهمية .
    فإن كانت مظنونة بأن كان لها شاهد عام ودليل على جنسها البعيد، فإنها لا تقوى على النص القطعي المباشر، لاستحالة اجتماع العلم والظن على محل واحد، أو كانت مظنونة بأن كانت غير معلومة على التعيـــــين، فيقدم النـــص عليها (فنحن نـــرى أن من الأمور ما لا يعرف وجه المصلحة فيه على التعيين، فيكون النص أولى بالاعتبار). (إن المصلحة ثابتة حيث وُجد النص، فلا يمكن أن تكون هناك مصلحة مؤكدة أو غالبة والنص القاطع يعارضها، إنما هي ضلال الفكر أو نزعة الهوى أو غلبة الشهوة، أو التأثر بحال عارضة غير دائمة، أو منفعة عاجلة سريعة الزوال، أو تحقيق منفعة مشكوك في وجودها، وهي لا تقف أمام النص الذي جاء عن الشارع الحكيم، وثبت ثبوتًا قطعيًا لا مجال للنظر فيه ولا في دلالته).
    - آيل إلى أن النص المعارض بالمصلحة لم تثبت قطعيته، وإنما هو دائر بين الاحتمالات والظنون، فيكون التعارض الواقع بين المصلحة المنشودة والنص الظني هو من قبيل التعارض بين ظنيين إذا كانت المصلحة ظنية، أو بين ظني وقطعي إذا كانت المصلحة قطعية، وفي كلتا الحالتين يكون هذا التعارض غير مستحيل وممكن الترجيح لأنه ليس واقعًا بين قطعيين .
    ومعرفة القطعي من الظني في الشريعة الإسلامية أمر ميسور ومحسوم بفضل الله تعالى الذي حفظ شريعته من الضياع والتحريف والاختلال، والذي بيّن ما هو مقطوع به وما هو مظنون فيه، رحمة بعباده وامتـنانًا، فبيان المقطــوع لدرء الاختــلاف والاضطراب، ولأنه لا يخضع لاعتبارات الزمان والمكان والحال، والمظنون مقصود به التيسير والتخفيف والتنوع والثراء، ومواكبة الاختلاف والتغير في الزمان والبيئات والظروف والأحوال .
    كما أن معرفة القطعي من الظني حسمه العلماء المخلصون والمجتهدون الراسخون الذين قيضهم الله تعالى لخدمة شرعه، والذين كانت لهم حظوظ وافرة من فهم الخطاب الشرعي، واستيعاب مراميه ومقاصده وكيفياته ومختلف معانيه ومتعلقاته، والذين كان لرعيلهم الأول من الصحابة والتابعين وتابعيهم فضل القرب الزماني والمكاني، الذي مكّنهم من النظر الدقيق والتتبع العميق لتصرفات الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ، هذا فضلاً عن براعتهم في حذق اللغة العربية التي نزل بها الوحي على وفق أساليبها وصيغها ومعهوداتها ومدلولاتها .
    - آيل إلى أن النازلة لم ينظر جيدًا في تحقيق مناطها، وبالتالي في إدراجها ضمن أصولها وأدلتها، ومعلوم أن تحقيق المناط يضمن الاستخدام الجيد لتسليط الأدلة على وقائعها ونوازلها .
    والمهم من كل ما ذكرنا أنه لا يجوز إطلاقًا وتفصيلاً تقديم المصلحة على ما هو قطعي يقيني، والواجب الفرض على المسلمين - خاصة وعامة - تقديم المدلول القطعي وترك المصلحة المظنونة أو الموهومة. (فإذا اتضحت قطعية دلالته، اتضح سقوط احتمال المصلحة المظنونة في مقابله ). (فإن الظن لو خالف العلم فهو محال، لأن ما علم كيف يظن خلافه ). (فقد ثبت بالدليل الذي لا يقبل الريب أن إجماع الصحابة والتابعين وأئمة الفقه، قد تم على أن المصلحة لا يمكن لها أن تعارض كتابًا ولا سنة، فإن وجد ما يظن أنه مصلحة وقد عارضت أصلاً ثابتًا من أحدهما فليس ذلك بمصلحة إطلاقًا، ولا تعتبر بحال ).
    ثانياً: المصلحة الظنية-
    الظن في اللغة: يدل على الشك والتردد الحاصل في الأمر الغير المجزوم به قال تعالى إن نظن إلا ظنا ( ) أي شكا.
    وفي الإصطلاح: عرف الظن بتعاريف منها تعريف الباجي " الظن تجويز أمرين فزائدا أحدهما أظهر من الآخر "( ).
    - وينبي على تعريف الظن:
    - أن الظن يكون مع وجود الإحتمالات.
    - أن الظن يرتبط بالإحتمال الأقوى في الغالب .
    وقد عالج علماء الأصول عند تعريفهم للظن مسائل أهمها :
    1- هل الظن يكون بسبب أو بدون سبب؟
    انقسم العلماء في هذه المسألة على مذهبين:
    الأول: ذهب أصحابه الى أن الظن يحصل من دون سبب ، وهذا هو مذهب بعض الأصوليين ومنهم الباقلاني و الجويني فالظن عندهم إحساس يجده المجتهد في نفسه وبذلك لايترجح عندهم ظن على ظن.
    الثاني: ذهب أصحابه الى أن الظن لابد لحصوله من سبب يؤدي إليه ومخالفة ذلك مكابرة وهذا هو مذهب الجمهور ، والذي يظهر أنه هو المذهب الراجح والله أعلم.
    2- هل للظن درجات متفاوتة أم لا؟
    انقسم العلماء في هذه المسألة على مذهبين:
    الأول: ذهب أصحابه الى أن الظنون لا تتفاوت وأنها بمنزلة واحدة وهذا هو مذهب بعض الأصوليين ومنهم الباقلاني والقرافي.
    الثاني : ذهب أصحابه الى أن للظن درجات متفاوتة لأنه إن تعضد بأمارات ليس كالذي لم يتعضض بها وهذا هو مذهب الجمهور والذي يظهر أنه هو الراجح والله أعلم قال الجويني " الإنسان يعلم ثم يتجاوز محل العلم قليلا فيظن ظنا غالبا ثم يزداد بعدا فيزداد الظن ضعفا فهذا وجه تفاوت الظنون"( ).
    فهي المصالح التي دل عليها دليل ظني، كحديث :"لا يقضي حكم بين اثنين وهو غضبان"( ).
    وهو النص الذي يدل على أكثر من معنى وحكم، ومثاله : نص القُرْءِ والملامسة وغيرها، فيكون الاجتهاد قائمًا على حصر كل تلك المعاني والأحكام وتحديد أقربها إلى المراد الإلهي وأنسبها للمصلحة المشروعة، فقد يكون أحد تلك المعاني متماشيًا مع المصلحة فيقع اعتماده بناء على المصلحة، ولا عبرة هنا بمعارضة المصلحة لغير ذلك المعنى المعتمد على وفق المصلحة، إذ لا يعد ذلك معارضة للنص، وإنما هو من قبيل العمل بأحد دلالات النص لاستحالة الجمع، وهو كذلك من قبيل العمل بدليلين، كالعمل بالعام والخاص والمطلق والمقيد، وهو في هذه الحال عمل بالنص الظني في أحد معانيه، وعمل بدليل المصلحة المرسلة وشاهدها البعيد وأصلها الكلي المستخلص من الأدلة والقرائن الشرعية الكثيرة.
    أما الذي لا يجوز قطعًا هو أن تعارض المصلحة جميع مدلولات النص الظني، لأن معارضة كل مدلولات النص الظني كمعارضة النص القطعي تمامًا. (أما إذا عارضت المصلحة كل المدلولات الظنية، فحكمها كحكم معارضة الدلالة القطعية )، فلا يجوز مثلاً مخالفة مدلولي الحيض والطُهْر للقُرْء بإحداث قول ثالث، لجلب مصلحة المرأة أو الرجل، أو لتغير الظرف، وكذلك يحرم مخالفة معنيي الملامسة المتعلقين بمجرد اللمس وبالوطء، فلا يجوز إحداث رأي ثالث، وغير ذلك من المعاني المحتملة للنص الظني، التي لا يجوز العدول عنها إلى غيرها بمجرد توهم المصلحة وتخيلها، أو الظن بها ظنًّا ضعيفًا ومرجوحًا .
    والمعتمد في تحديد سائر مدلولات ومعاني النص الظني هو منهج التأويل الصحيح المقرر في علم الأصول.: (والحد الذي يقف عنده احتمال دلالات الألفاظ حتى يصبح ما وراءه مخالفًا ومعارضًا إياها يتلخص في جملة الشروط التي ذكرها الأصوليون لصحة التأويل، وفي مقدمتها كون التأويل موافقًا لوضع اللغة وعُرف الاستعمال وعادة صاحب الشرع ).
    والخلاصة:
    أن تقدير المصالح ومراعاتها تتفاوت أحجامه ومراتبه بحسب طبيعة النصوص وتنوعها من حيث القطع والظن، فكلما كان النص ظنيًا كان تقديم المصالح واردًا ومطلوبًا ومدعوًا حتى يتوصل إلى ما هو أقرب للمراد الإلهي، وأجلب للمصلحة الإنسانية، وأضمن لتطبيق الحكم على أحسن وجه وأتمه .
    غير أن هذا لا يعني أن النص القطعي خال من المصالح والمنافع، وإنما يعني أن تحصيل نوع من المصالح الحقيقية جار على وفق ما جعله الشارع غير قابل للتغيير والتأويل على مر الأيام والأحوال بأن جعله قطعيًا لا يتطرق إليه الاحتمال والافتراض .. كما أجرى نوعًا آخر من تلك المصالح على ما جعله متبدلاً بتبدل الأزمنة والظروف والأحوال، بأن جعله ظنيًا تختلف في مدلولاته الأنظار والأفكار.
    وهناك المقاصد الوهمية : وهي التي يتخيل ويتوهم أنها صلاح وخير ومنفعة، إلا أنها على غير ذلك .. ولا شك أن هذا النوع مردود وباطل . ‏
    الخاتمة:
    وفي الختام نخلص الي أن قضية المصلحة والمفسدة هي أكبر قضية وأهم قضية؛ لأن مقاصد الشريعة كلها تجمع في هذه العبارة: جلب المصلحة ودرء المفسدة، أو جلب المصالح ودرء المفاسد، أو نحو ذلك من التعبيرات التي رأيناها. فمجمل مقاصد الشريعة تدور حول هاتين الكلمتين. ثم إن نسبة كبيرة من اجتهادات الفقهاء مدارها - إثباتا ونفيا - على المصلحة والمفسدة.
    النتائج:
    1- ان القصد الشرعي يعد كالاصل للمصلحة والمصلحة كالفرع للمقصد الشرعي.
    2- ان المصلحة لا يعتد بها ولا تعتبر مصلحة أصلاً في قاموس الشرع مالم تكن داخلة في مقاصد الشارع، فكانت المصلحة متوفرة علي المقصد حتي يعمل بها ويقرر أعتبارها.
    3- ان السيبل الي المحافظة علي مقاصد الشريعة ورعايتها هو تحصيل المصلحة المعتبرة وجلبها. ولذلك كانت المصلحة من وسائل المقاصد.
    خلاصة:
    1ـ ضرورة اعتبار المصالح في أي عمل يأتيه المسلم أو الجماعة المسلمة.
    2ـ أن المصلحة المرسلة المعتبرة شرعًا هي المصلحة القطعية أو الظنية الضرورية الكلية.
    3ـ أن المصالح ترتب حسب أهميتها عند الاعتبار: الضرورية ثم الحاجية ثم التحسينية.
    4ـ أن الشرع يختار أعلى المصلحتين ويدفع شر المفسدتين.
    5ـ أن الأمر أو النهي لو ترتب على تنفيذه مفسدة أعظم، أو فوات مصلحة أعظم، حرم فعله.
    6ـ أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

    فهرس الآيات:

    الآية السورة رقم الآية الصفحة
    ﴿ فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الارض و تقطعوا أرحامكم ﴾ محمد 22 5
    ﴿ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ﴾ الروم 41 5
    ﴿ يسألونك عن اليتامي قل اصلاح لهم خيروان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ﴾ البقرة 220 6
    وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين النحل 9 9
    لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ التوبة 42 9
    وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالاَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ الدخان 38 10
    وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ فصلت 46 10
    ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلاً من ربكم البقرة 198 12
     يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون  النمل 32 13
    ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلاً من ربكم البقرة 198 14
    قل هو الله أحد الإخلاص 1 15
    إن نظن إلا ظنا  الجاثية 32 17









    فهرس الأحاديث

    الحديث رقم الصفحة
    " من خبب خادماً علي أهلها فليس منا ومن افسد أمراة علي زوجها فليس هو منا " 6
    "ضاف عائشة ضيف فأمرت له بملحفة صفراء فنام علي فيها فاحتلم فاستحيا أن يرسلها لها وبها اثر الاحتلام، فغمسها في الماء ثم أرسل بها، فقالت: عائشة لما افسد علينا ثوبنا؟ أنما كان يكفيه ان يفركه باصابعه، وربما فركته من ثوب رسول الله  باصابعي " 7
    "أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، قيل ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قيل . ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك" 8
    "الْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا" 9
    " مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ يُنَجِّيهِ عَمَلُهُ " ، قَالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَلا أَنَا ، إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، أَوْ قَرِّبُوا ، وَرُوحُوا ، وَاغْدُوا ، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا ". 9
    "لا يقضي حكم بين اثنين وهو غضبان" 12
    " اليقين والقطع لايثبت مع الإحتمال لأنه عبارة عن قطع الإحتمال " 13
    "لا يقضي حكم بين اثنين وهو غضبان" 18

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://awladaldbaga.yoo7.com
    بابكرسراج
    عضو ماسي يرتقي الي درجة مشرف
    عضو ماسي يرتقي الي درجة مشرف
    بابكرسراج


    عدد المساهمات : 101
    تاريخ التسجيل : 03/05/2011
    العمر : 55

    المكي هذه تامقاصد Empty
    مُساهمةموضوع: رد: المكي هذه تامقاصد   المكي هذه تامقاصد I_icon_minitimeالأحد أغسطس 07, 2011 5:39 pm

    نسأل الله لك التوفيق أخي حسن محمد يوسف علي هذه المشاركات المفيدة نسأل الله للجميع المغفرة والرحمة والعتق من النار في هذا الشهر المبارك
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    المكي هذه تامقاصد
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » عزاء اسرة المكي عبد الجليل بالابيض

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    اولاد الدباغة 2 :: العلوم :: القانون-
    انتقل الى: